الثلاثاء، 30 يوليو 2013

الرئيس اليمين زروال مهندس المصالحة الوطنية

سبتمبر 1993 وفي ظلّ الانسداد الحاصل في هرم السلطة سياسياً والانهيار شبه التام للدولة ومؤسساتها بفعل تبعات قراراتها والأحداث السابقة وضربات الجماعات المسلّحة التي بلغ مستواها أنْ فرضت الحصار التام والسيطرة على بعض المناطق في الدولة وهذه ليست مبالغة انّها الحقيقة وقتها في أغلب المناطق خاصّة النائية والواقعة تحت نفوذها وفي ظلّ هذه الظروف ارتأت السلطة الحاكمة أنّه لابدّ من ضخّ دماء جديدة لايجاد مخرج للبلاد فجيء بالجنرال المتقاعد اليمين زروال فتمّ تعيينه وزيراً للدفاع خلفاً للجنرال خالد نزّار وأُعطيت له صلاحيات واسعة الى جانب حكومة رضا مالك ...
الرئيس اليمين زروال
وقبل تعيينه رئيساً للجمهورية يوم 30 يناير بأيامٍ قليلة وتحديداً بتاريخ 17 يناير 1994 وفي زيارة مفاجئة وبمبادرة شخصية منه لم يستشر فيها حتى المجلس الأعلى للدولة الذي جاء به (وهو ما أفصح عنه أحد أعضائه :علي هارون ) وزير الدفاع زروال في السجن العسكري بالبليدة يلتقي وجهاً لوجه قادة الفيس عباسي مدني وعلي بلحاج في محاولة لايجاد مخرج وحل سلمي للأزمة في بادرة شجاعة استباقية للمصالحة ووضع حد للعنف على أُسس واقعية عادلة ...أعتقد والله أعلم بالرّجل أنّه كان صادقاً في نواياه وهو ما أثبتته عنه الأيام بعدها وعلى هذا الأساس وبدون مغالطة للتاريخ والأجيال يُعتبر اليمين زروال رجل المصالحة بامتياز ومهندسها الأوّل،كما يمكننا أن نسنتنتج أنّ في أيّ نظام ولو كان ظاهره الدكتاتورية والشمولية يوجد رجال في أعلى هرمه شرفاء يمكن التفاهم معهم واعادة الأمور الى طبيعتها لو عرف أطراف الصراع استثمارهم والاستفادة من معدنهم الطيّب بترك سوء الظنّ والحسابات المسبقة الخاطئة التي تؤدّي أحياناً الى اشعال الشّر واضاعة الفرص واطالة عمر الأزمات... في هذه الأثناء تمّ اختطاف الشيخ الداعية والمفكّر محمد بوسليماني رئيس جمعية الارشاد والاصلاح وأحد أبرز قادة حركة حماس والحركة الاسلامية عموماً صبيحة الجمعة 26 نوفمبر 1993 بعد صلاة الفجر بينما يتلو ورده القرآني من طرف مسلّحين من الفرق المتشددة الضالة ورغم ورع وسمعة الرجل ومعارضة وتنديد واسعة عالمية ومحلية لرموز العمل الاسلامي بل ومن معظم خاطفيه كما روى من شهدوا الحدث لاحقاً ممّن سلّموا أنفسهم لقوات الأمن أو أُلقي عليهم القبض الاّ أنّ قادتهم أصرّوا على قتله بطريقة بشعة رحمه الله تعالى وجميع شهداء الفتنة الجزائرية يوم 21 يناير 1994 أي بعد شهرين تقريباً من الاعتقال ليوارى جثمانه الطاهر بمقبرة الدردارة بالبليدة يوم الأحد 30 يناير 1994 اضغط هنا ...السؤال الذي يبقى مطروحاً الى يومنا : لماذا ولمصلحة من وفي هذا الوقت تحديداً ؟؟؟...اضغط هنا
 
محمد بوسليماني
.... تشتد وثيرة العمل المسلّح وخاصّة بعد نجاح عملية الوحدة بين أهم الفصائل التي كانت تعمل متفرّقة كالجبهة الاسلامية للجهاد المسلّح (
FIDA) والحركة الاسلامية المسلّحة (MIA) تحت لواء الجيا (الجماعة الاسلامية المسلّحة) GIA بتاريخ 13 ماي 1994  بزعامة شريف قوسمي وهو أحد قيادات الجبهة الاسلامية الذي عُرف بالمستوى العلمي والاعتدال بالمقارنة بما سوف نرى بعد ذلك الى جانب محمد السعيد وهو من شيوخ الفيس ودعاته وعبد الرزاق رجام مسؤول الاعلام والمنسق الوطني للفيس واللذين سوف يتم تصفيتهما لاحقاً داخلياً والسعيد مخلوفي ضابط سابق في الجيش الوطني وعضو مؤسّس للجبهة الإسلامية للإنقاذ ورئيس تحرير جريدة المنقذ وصاحب الكتاب الشهير: العصيان المدني (قبل انفجار الوضع ) نص العصيان المدني اضغط هنا  والذي يُعرف عنه الدّهاء وممّا يجب الاشارة اليه للتاريخ أنّه (السعيد مخلوفي) قد أبدى تحفّظه الشخصي من الوحدة الرّجل سوف يُغتال لاحقاً كما سوف نرى اضغط هنا  ....
وفي ظلّ العنف والعنف المضاد ]حيث أنّ البعض يعتقد أنّه كلّما أوغل في ذبح شعبه ينزجر ويخضع له لكنه واهم فكلما زاد الضغط زادت قوّة الانفجار وهذا ما أثبتته التجربة #الجزائر و  #سوريا و #ليبيا حالياً [ فلم تستثني أحدأ مدنياً أو عسكرياً وما اغتيال - المرحوم شقرون حسني المعروف بالشاب حسني بمدينة وهران ملك أغنية الراي اضغط هنا  في ظروفٍ غامضة لايمكن الجزم بفاعلها الى يومنا هذا رغم ماقيل عن ضبط الجاني - الاّ غيظٌ من فيض...فاذا انزلقت الأوضاع في أيّ دولة يختلط الحابل بالنابل ولكلٍّ أجنداته التي يرى أنّها تخدم مصالحه ..في هذه الظروف اقتنع المواطنون وخاصّة سكان القرى والمداشر النائية بضرورة الدّفاع عن أنفسهم ضد زوّار الليل بل والنهار في بعض المناطق بتكوين مجموعات الدّفاع الذاتي والحرس البلدي بايجاز ودعم من السلطة بتسليحهم حيث فاقت 200 ألف قطعة سلاح للمتطوّعين اضغط هنا  ولكن هل ستبقى هذه الفكرة نبيلة كما جاءت لأجله أم ستتطوّر لتصبح شيئاً آخر هذا ما سنناقشه لاحقاً ...

وبعد سلسلة من اللقاءات الماراطونية أخذت زمناً معتبراً بين السلطة ممثلةً في قادة الجيش وبعض السياسيين وقادة الجبهة الاسلامية للانقاذ تمّ الاتفاق على نقل شيوخ الفيس(عباسي وبلحاج) من السجن العسكري الى اقامة مدنية محروسة في اقامة جبرية والسّماح لهم بلقاء من شاؤوا في اطار السعي لتحقيق الاتفاق مع اطلاق سراح ثلاثة من قياداته وهم كمال قمّازي وعبد القادر كمال ونورالدين شيقارا ليكونوا واسطة بين المسلّحين وقيادة الفيس لتحقيق السلام كما أُغلقت محتشدات معتقلي الصحراء الذين فاق عددهم حسب فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان ثمانية عشر ألفاً (18 ألف) من أنصار الفيس ونشطائه الذين اعتقلوا بعد توقيف المسار الانتخابي مباشرة أي في الفترة ما بين يناير ومارس 1992 حيث منهم من أُخلي سبيله بعد ستة أشهر فقط ومنهم من بقي أربع سنوات أي حتى غلق المحتشدات 1995 التي أُقيمت في صحراء الجزائر وأخطرها كان معتقل رقان بأدرار كونه كان حقل تجارب نووية فرنسية بتاريخ 13 فيفري 1960 لازال البعض يعاني من آثارها الى يومنا بل وقضى البعض بسببها دون أي تعوييض أو اعتراف الى ساعة كتابة هذه الحروف اضغط هنا ليس لهم أي ذنب سوى أنّهم مارسوا حقهم الانتخابي المشروع وقتها اضغط هنا شهادة أحد ضحايا المحتشدات فكيف نطالب من المستعمر الاعتراف بينما لا نعترف نحن بأخطائنا التجارب النووية الفرنسية ؟؟؟؟...لكن والمهم وقع ما لم يكن في الحسبان وتجري الرّياح بما لاتشتهي السفن حيث يتم ضبط رسالة قيل أنّها من علي بلحاج الرجل الثاني في الفيس الى قائد الجماعة الاسلامية المسلحة وبحوزته بعد سقوطه قتيلاً اثر كمين لقوات الأمن فيما جاء فيها "الله وحده يعلم أخي أبو عبد الله الى أيّ درجة أتألّم لعدم قدرتي لأن أكون بينكم في اطار الجهاد المسلّح كم وددتُ أن أكون الى جانبكم مجاهداً وناصحاً حتى بناء الدولة الجزائرية الاسلامية القوية.....الخ"
مقطع من رسالة علي بلحاج لشريف قوسمي
وهي رسالة من أربعين صفحة بتاريخ 
29 سبتمبر 1994 مفادها أنّه سيلتحق بالعمل المسلح بمجرّد اطلاق سراحه : هذا موقفه على كلّ حال والذي رفض لحدّ الآن الخوض فيه رغم أنّني راسلته لتوضيحه فلم يُجب فهل أخطأ أو لا هل غُلّط هل كابر هل وهل هذا ما نتركه للقارئ والتاريخ !!!...الذي يعنينا أنّه وبناءًا على هذا الموقف والدّليل كانت ضربة قاضية لمساعي اليمين زروال في انجاح المفاوضات ممّا اضطره الى اعلان فشل المصالحة كان ذلك في أكتوبر1994 لتدخل الجزائر في حمّام الدّم بكلّ أسف من جديد...

الاثنين، 15 يوليو 2013

مصرأمام تجربة تسعينات الجزائر

وأنا أكتب هذه المدونة عن ربيع تسعينات الجزائر يأبى البشر الاّ أن يُعيدوا التاريخ الذي نتحدّث عنه ليتجلّى لمن لا يعرف أو نسي المظهر بتفاصيله بل ويستنسخون تجارب بعضهم ولو كانت دامية فاشلة بكلّ أسف : انّه انقلاب عسكر #مصر على شرعية انتخابية نزيهة وديمقراطية دستورية ، سبحان الله ...
من لا يقرأ التاريخ جيّداً لا يفهم الحاضر ولا يستشرف المستقبل : مايحدث اليوم في #مصر بتفاصيله استنساخ لتجربة تسعينات ا  # لجزائر مع رتوشات بسيطة حيث يعتقد الجميع أنّهم أذكياء ومعصومون لكنهم لا يُدركون حجم وهول ما يترتّب عن قراراتهم الآنية وما ينتظرهم جميعاً دون استثناء ..وبالعودة لتسلسل الأحداث في الجزائر فبعد الانقلاب على الشرعية هاهم ينقلبون على الرئيس الذي عيّنوه باغتياله أمام النّاس فتُعلن حالة الطوارئ ويبدأ العمل المسلّح كرد فعلٍ بقوّة ...عُيّن علي كافي خلفاً لبوضياف رئيساً للدولة ..
علي كافي
فترتفع وتيرة الأعمال المسلّحة والتفجيرات والاغتيالات بشكل رهيب دون أن يتسنّى لأحد أن يعرف الفاعل قطعاً وبالحُجّة والبيّنة ......كانت أرضاً خصبة لتصفية الحسابات من هنا وهناك تحت وباسم مكافحة الارهاب ومن الجانب الآخر الانتقام وضرب الطواغيت ..فمهما بلغ الانسان من درجة في اتقان الوصف لايمكن أن يوصل تلك المشاعر والأحاسيس المختلطة بالدّم والصراخ والآهات المنبعثة من الأطفال والشيوخ والأمهات والثكلى والمصابين جسدياً أمّا نفسياً فحدّث ولا حرج الى يومنا هذا مازال البعض يعاني جرّائها لايمكننا هنا أن نحصرها حالة بحالة لكننا سنتوقّف مع أهم المحطات:26 أوت 1992 يهتز مطار الجزائر العاصمة هواري بومدين بتفجير عنيف راح ضحيته العشرات من القتلى والمصابين لتتهم السلطة خلية حسين عبد الرحيم النائب في البرلمان الجزائري عن حزب الجبهة الاسلامية
حسين عبد الرحيم وأفراد الخلية المتهمة بتفجير المطار
محاكمة صورية وحكم بالاعدام يتم تنفيذه بسرعة في ظلّ استغلال عواطف الناس المستنكرة للانفجار لكن للقصّة رواية أخرى فالرجل رحمه الله كان من قيادات الحزب المحل وكلّ الشواهد والقرائن تدلّ على أنّه بريء وانّما لٌفِّقت له التهمة لتشوييه الحزب واتهامه بالعنف وهذه بعضها للتاريخ الذي لايزال مفتوحاً اضغط هنا شهادة جمال رصاف   شهادة أخت حسين عبد الرحيم   تحقيق حول تفجير المطار
في الوقت نفسه هذا لايعني عدم وجود جماعات مسلّحة كما أشرنا سابقاً كانت تنتوي الجهاد وتتربص له الأسباب وعلى رأسها الأفغان الجزائريون والذين كان لهم دور فعّال في العمليات النوعية وخاصّة اتقانهم أسلوب وتقنيات الكمائن والمفخّخات ..اذ بلغ عدد القتلى يومياً في صفوف قوات الأمن بمختلف أسلاكها 20 الى 30 قتيل ناهيكم عن الجرحى أمّا الجيش حدّث ولا حرج خاصّة اذا وضعنا في الحسبان جغرافيا وتضاريس الجزائر التي تساعد على تحرّك الجماعات المسلحة كمين ضد الجيش، يكذب من يقول أو يزعم أنّه كان يسيطر على الوضع فاختلط الحابل بالنابل ولم نعد نعرف من يقتل الى درجة صار الناس يقولون مَنْ يقتل مَن ؟؟؟ الذي نعرفه أنّ الجميع يدفع فاتورة غباء وانفراد مجموعة من العسكر والانقلابيين اللّاأمن والخوف بقرار الانقلاب وماتبعه من قرارات ولّدت ردود أفعال لسنا بصدد تبرئتها أو تلميعها لأننا سوف نتعرّض لها لاحقاً ونتوقّف عندها بموضوعية وبحث لكن مايعنينا الآن هو ترسيخ فكرة غلاء وارتفاع فاتورة القرارات الغبية الساذجة : ذُبح العسكري والاسلامي وقوات الأمن والغير اسلامي والمثقّفين والاعلاميين كالمرحوم الصحفي طاهر جاووت وعبد الله خالف المدعو قاصدي مرباح مدير المخابرات في عهد الرئيس هواري بومدين ورئيس الحكومة في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد الذي أُغتيل اضغط هنا بتاريخ 21 أوت 1993 رفقة ابنه وأخيه وسائقه وحارسه الشخصي من طرف مجهولين حيث لا يزال السؤال مطروحاً الى يومنا هذا لمصلحة من تمّ ذلك ومن الفاعل اضغط هنا  ؟؟؟ ولم يُفتح تحقيق جاد حوله كما تطالب عائلته الى يومنا هذا اضغط هنا  خاصّة وأنّ الرجل كان يسعى حثيثاً لوضع حد للفتنة ؟؟ اضغط هنا 
عبد الله خالف المدعو قاصدي مرباح 
 
الطاهر جاووت
وغيرهم من الشعب  البسيط الذي لا ناقة له ولا جمل فيما حدث ، أمّا اذا تحدّثنا عن الاقتصاد فخرابٌ بكلّ معنى الكلمة اذ فاقت الخسائر جرّاء أعمال الحرق والتخريب للمصانع والبُنى التحتية ملايير الدولارات وتعطّل مصالح الناس والبطالة أمّا عن المديونية ففاقت وقتها تسعة ملايير دولار....خوفٌ ورعب ولا أمن في كلّ ربوع الوطن وخاصّة المناطق ذات الكثافة السكانية والجبلية كالبليدة والبويرة والأخضرية في ظلّ هذه الظروف وتحديداً عام 1993 يبدأ تحرّك الوعي الجماهيري لتعلو أصوات محايدة مثقفة وعمّالية على رأسها المرحوم عبد الحق بن حمودة الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين الذي يُغتال لاحقاً 1996كما سوف نرى 
عبد الحق بن حمودة

لايجاد مخرج للأزمة والتي لن تكون الأخيرة لكنه يصطدم كالعادة مع تعجرف وتصلّب أطراف النزاع على حساب الوطن والشعب الجميع يدفع الثمن...يتم تهديد واختطاف الأجانب كما حدث مع الفرنسيين 24 أكتوبر 1993 لتُغلق السفارات ويرحل هروباً وخوفا أكثر من خمسة آلاف أجنبي وتنعزل #الجزائر ....هذه الكلمات في هذه الحلقة لأجل التاريخ ولأجل #مصر تحديداً وأهلها فهل يتصالحون ويتوافقون قبل فوات الأوان حيث لا ينفع النّدم...اللّهم أشهد أننا بلّغنا.