الاثنين، 28 يناير 2013

الانتخابات البلدية والولائية 1990

لايُعقل أنْ نتحدّث عن الوضع والخطاب السياسي(1990-1991) دون الحديث عن الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي في هذه الفترة بل الذي استمرّ واستشرى الى وقتنا هذا للأسف .لانُخفي سرّاً اذا قلنا أنّ يومها ازداد الفقراء فقراً واغتنى الفاسدون والسياسيون وقادة العسكر أو ما يصطلح عليه الجزائريون وقتها بالجنرالات وأذنابهم لقد بلغت نسبة البطالة مستويات خطيرة وخاصّة في المدن الكبرى وقس على ذلك أزمة السكن الخانقة حيث بلغ عدد أفراد مسكن واحد بغرفتين أحياناً(18-20) فرداً وانتشرت مظاهر الرشوة والمحسوبية لايستطيع أي وطني عاقل حرّ أن يرَ ثروته الوطنية يقتسمها مجموعة من اللّصوص وهو قاعدٌ يتفرّج طبيعي جدّاً أنْ تتراكم فيه وعنده عناصر وعوامل الحقد والثورة .الى جانب الكساد الثقافي وقتها وانتشار ثقافة الخشب وأغاني الكذب على الوطنية وهي منهم براء.....في الحقيقة وأنا أكتب هذه الأسطر عن الثقافة وباعتبار التلفزيون(صندوق العجب) أكبر واجهاتها في أيّ بلد أشعر بالخجل والحيرة اذْ ليومنا هذا مازال النظام وبعد كلّ هذه التجارب يُصرُّ على غلقه في وجه المعارضة والانفتاح السمعي البصري الاّ بضع قطرات بحجّة عدم نضج الشعب وعدم توافر الظروف المواتية معقوووووول ؟؟ اذن اذا كان هذا هو الحال اليوم فما بالك بالتسعينات في في ظروفٍ أكثر مئات المرّات بوليسيةً وفسادا أقبل الشعب على السياسة بعد أحداث أكتوبر 88 ...
 يكذب من يقول أنّ الأحياء الشعبية العميقة الكادحة لم تتبنَ الخطاب الرّاديكالي للجبهة الاسلامية للانقاد في غالبيتها لأنّه وببساطة عبّرت عنهم دون تحفُّظ وبقوّة وعنف يوازي العنف والحال الذي يختزنونه في داخلهم ضد النظام وفي هذه الأثناء أيضاً جاءت مقدمات حرب الخليج الثانية أي اجتياح العراق للكويت 1990 فحرب عاصفة الصحراء أو ما أسميت بتحرير الكويت وبالتوازي في هذه المرحلة نشيرالى الانسحاب السوفياتي سابقاً من أفغانستان فتوقّفت الحرب في فبراير 1989 وما صاحبها من عودة للمجاهدين العرب الى ديارهم ومنها الجزائر يجب أنْ نذكُر أنَّ مشاركة هؤلاء في هذه الحرب لم تكن سرّاً بل برضى ودعم غربي لاسقاط الاتحاد السوفياتي وبمشاركة ومباركة ودعم معنوي ومالي عربي وخاصّة من دول الخليج وعلى رأسها السعودية ...عوض أن يُستقبل هؤلاء ويُكرّمون لأنّهم شاركوا في تحرير بلد مسلم بدمائهم ولأنّهم أسقطوا من لم يستطع العالم أجمع اسقاطه بما فيهم أمريكا وهو الغول السوفياتي فتُنشَئ لهم جمعيات اصغاء واستماع وعناية ومتابعة نفسية وهذا ما قامت به ولازالت الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً أثناء عودة جنودها من حرب فيتنام أو العراق واليوم أفغانستان وغيرها لادماجهم وتأهيلهم من حياة الحرب الى السلم والاستقرار ولكنّ أغلب حكوماتنا العربية الجاهلة همّشت هؤلاء وعزلتهم وأشعرتهم كأنّهم أعداءً ومنبودين ممّا جعلهم بقصدِ وبغير قصد يشعرون بالغربة في أوطانهم ضف الى ذلك ماتلقّوه من أفكار هناك لم تُعالج بطرقِ علمية ومراجعة من مختصين من رجال العلم النفسي والديني الراسخين  وهنا ايضاً يبقى السؤال الغامض أهذا الاهمال بجهلٍ حقّاً أم أنّه مقصود ليركب هؤلاء ويذوبون في المشهد السياسي الجزائري ويختارون الجبهة الاسلامية FIS لنشاطهم؟؟؟ وتبتدأ القصّة . لايجب أنْ يفهم البعض هنا أنّنا نُجرّم الـ FIS أو نهمزه أو  نغمزه ولا حتى نُبرئه وانّما وضع الحال والمعطيات كماهي وللقارئ الحكم ...لانسبق الأحداث ولا نُصدر أي حُكم بل سنتابع مراقبتها خطوة بخطوة ونطرح التساؤلات في وقتها ومكانها...وهكذا يشعر قيادات الجبهة الاسلامية بالغرور مصداقاً لقوله تعالى "ويوم حنينٍ اذ أعجبتكم كثرتكم.." لاحاطتهم بآلاف بل ملايين الأتباع والأنصار والمريدين ليشعُروا أنّهم يمثّلون الأغلبية الساحقة ان لم نقل الشعب كلّه فيرفضون أي تنسيق مع باقي التيارات الاسلامية الأخرى وخاصّة التي تُحسب معتدلة منها ويختارون قيادة القافلة لوحدهم وتحمّل عبْء المواجهة مع النظام...انطلقت بعدها شعارات "لاميثاق لا دستور قال الله قال الرسول...و لا اله الاّ الله محمّداَ رسول الله عليها نحيا وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله .." وغيرها من الشعارات القوية الواضحة الدلالة والخلفية والهدف مدعومة بعشرات الشواهد والقرائن من الخطب والفيديوهات الموثّقة لهذا الخطاب الذي لم يكن ليُطمئن أصحاب القرار في السّلطة الجزائرية والغرب وخاصّة فرنسا التي تعتبر الجزائر حديقتها الغنّاء وكنزها المفقود الى يومنا فمابالك وهو يتبخّر بهكذا خطاب يومها ؟؟؟ بهذا الزّخم تدخل جبهة الانقاذ الانتخابات البلدية والولائية 1990 لتفوز بها فوزاً ساحقاً حيث حصلت على 953 مجلس بلدي من أصل 1539 و 32 مجلس ولائي من اصل 48 مجلس ولائي... فماذا سيحدث بعدها وكيف تعامل الفائزون مع الوضع القائم مالهم وماعليهم وهل أُعطي لهم الوقت للعمل أم أُجهض مشروعهم وكيف ومن؟؟؟؟...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.