السبت، 26 يناير 2013

الطبقة السياسية والانفتاح السياسي

رغم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالجزائر في نهاية الثمانيات من القرن الماضي بهبوط سعر برميل النّفط من 36 دولار الى 10 دولار وانعكاساتها على حياة المواطن العادي وتدنِّي قدرته الشرائية الى درجات خطيرة ومشاكل السكن والصّحة والنقل والتشغيل خاصّة وغيرها الاّ أنّ الانفتاح السياسي والاعلامي ومساحة الحرية التي أقرّها دستور 23 فبراير 1989 كان له أثره السّحري في التعالي والعفس على الواقع والجراح فتأسّست الجمعيات والأحزاب وبدأت نشاطها المحموم العلني بعدما كانت تنشط لعقودٍ خلت في السّراديب والسّر عبر كامل ولايات الوطن ممّا أنتج حركةً ودينامية منقطعة النّظير دون أدنى مبالغة وبامكان أي مراقب أن يعود الى أرشيف المرحلة فيلحظ ذلك الحِراك بالصّوت والصّورة وهنا بعض عيناته ولكن ما يعنينا هنا هو التركيز على ارهاصات(آيات وعلامات) الصّراع والانفجار اللّاحق وهل للخطاب السياسي السائد وقتها تأثير فيما سيحدث لاحقاً أم أنّه كان متوازناً معتدلاً لايُخيف أحداً ولايُقصيه وبالتالي وِزْر توقيف المسار يتحمّله النظام 100% ؟؟؟...المتابع يُلاحظ مايلي: 
انقسام المشهد السياسي في الجزائر وقتها أي بُعيد انفتاح 1989 الى اسلاميين وهي الصفة الغالبة وعلمانيين واشتراكيين وقلّة شيوعية وطبعاً أنصار الحزب العتيد FLN (جبهة التحرير) . باعتبار يأس الشعب من خطاب وتجارب الخشب وكَبْتِه طيلة ثلاثة عقود تقريباً (1962-1989) خاصةً وبُغضه للغرب ممثّلاً في ذكريات الاحتلال الفرنسي جعلته يقرّرتجربة الاسلاميين محاولاً بذلك اعطاء فرصة وأمل جديدين خاصّة وأنّ أغلب هؤلاء أي رموز الحركات الاسلامية كانوا في نظر الشعب قد أثبتوا معارضتهم للنظام بدخولهم السجون وتعرّضهم للتضييق والاقامات الجبرية سابقاً وكان هذا كافياً للوثوق بهم وبوعودهم ضف الى ذلك اتقانهم لفنّ الاستماع والخطابة بحكم تعايشهم مع الطبقات الكادحة من المجتمع في وقت كان فيه أغلب المعارضين الآخرين يعيشون عالماً خيالياً بعيداً عن معاناة الناس وآلامهم وفقرهم وهذه حقيقة ،كان وقتها التيار الاسلامي ممثّلاً في رابطة الدعوة الاسلامية بزعامة المرحوم الشيخ أحمد سحنون منضوياً تحتها كلّ الأفرقاء الاسلاميين لاحقاً بل الأعداء أحياناً وهم ممثلين بزعمائهم المرحوم محفوظ نحناح(ليُنشئ بعدها حماس) وعباسي مدني(الفيس لاحقاً) وجاب الله (النهضة لاحقاً) يبدأ السباق وتتسارع الأحداث ويطفو الى السطح صراع الأجنحة داخل الرابطة لتنفجر وتختار القيادات السابقة تأسيس أحزابها المستقلّة لتباعد وتمايز الأفكار بل والمبادئ أصلاً وهوما سنتطرّق له لاحقاً. ركّزنا ونركّز على الاسلاميين لأنّهم هم الذين قادوا وسيقودون المشهد السياسي في الجزائر والعرب والمسلمين عامّة بعدها...توزَّع باقي العمل السياسي بين الاشتراكيين آيت أحمد FFS والعلماني سعيد سعدي RCD والذي تركّز نشاطهما في منطقة القبائل والمدن الكبرى ولويزة حنون وهوحزب اشتراكي تروتوكسي كما أشرنا سابقاً ثمّ الى أقصى اليسار نجد الحزب الشيوعي للمرحوم الهاشمي شريف...هذه هي جزائر 1989-1990
التي يبدأ معها خطاب الدولة الاسلامية من الاسلاميين بين متشدّد ومعتدل وبالمقابل البديل الآخر العلماني الاشتراكي خاصّة والمحافظين دعاة استمرار جبهة التحرير مع اصلاحها....كيف كانت متابعة وموقف النظام ومن خلفه قادة الجيش من هذا الخطاب وكيف كانت طبيعة وحقيقة مسار ومضمون التيار الديني خاصّة وموقف الغرب منه تحديداً وكيف تطوّرت الأحداث بعدها هذا ماسنقف عليه لاحقاً ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.